أن يحارب العروبيون المغاربة، من قوميين ومتمركسين ومتياسرين، الأمازيغيةَ ويعادوها، أمر عادي ومفهوم ومنطقي لأنه ينسجم مع إيديولوجيتهم التي ترى في المطالب الأمازيغية تهديدا للوحدة العربية (كأن هناك بالفعل وحدة عربية)، ومؤامرة صهيونية تستهدف العرب والعروبة، حسب أدبياتهم الأمازيغوفوبية. لكن أن يحاربها ويعلن العداء لها المنتمون إلى التيارات الإسلامية، فأمر غير مفهوم وغير منطي لأنه يتناقض مع إيديولوجيتهم التي ترمي إلى إقامة نظام سياسي إسلامي أساسه الدين والشريعة، وليس الهوية العربية والانتماء العربي كما عند القوميين.
هذا التناقض لدى الحركة الإسلامية بالمغرب، يجد تفسيره في الخلط، الذي لا زال مستمرا عندها، بين العروبة والإسلام. وهو خلط يترتب عنه:
ـ أن دفاع الحركة الإسلامية بالمغرب عن الإسلام يساوي الدفاع عن العروبة، بمفهومها العرقي الإثني.
ـ أن الحركة الإسلامية ـ بالمغرب دائما ـ هي الوجه الديني الإسلامي للحركة القومية العروبية. وبالتالي فهي، عندما تعادي الأمازيغية، تقدم، سواء وعت ذلك أم لم تعه، خدمة جليلة ومجانية أولا للمخزن ذي الانتماء العروبي الرسمي، وثانيا لكل الأحزاب والتيارات ذات التوجه القومي العروبي المعادي للأمازيغية.
وهذا ما يجعل جهات مخزنية وحزبية قومية وعروبية تشجع وتحرض على خلق ورعاية جو من العداء بين الحركتين، الأمازيغية والإسلامية، من خلال ما تنشره صحافة تلك الجهات من أضاليل وأباطيل وأكاذيب وتأويلات مغرضة وخاطئة حول الحركة الأمازيغية عندما تتحدث عنها كحركة معادية للإسلام. وهكذا تبني الحركة الإسلامية، بالمغرب، موقفها من الأمازيغية انطلاقا من هذه الأباطيل والأضاليل والأكاذيب التي يروّجها خصومها (الأمازيغية) العروبيون. وهو ما يجعلها تهاجم الأمازيغية وتنظر إليها كعدو تحاربه وتواجهه. وقد تضطر الحركة الأمازيغية إلى الرد لتبرئة نفسها من التهم التي توجهها إليها الحركة الإسلامية اعتمادا على آراء خصومها العروبيين كما سبقت الإشارة. وهكذا ينشأ سوء التفاهم بين الحركتين، والذي يكبر وينمو، بتحريض من الطرف الآخر الثالث (الطرف القومي العروبي)، إلى أن يتحول إلى عداء مستحكم وصراع إيديولوجي متجذر. وهكذا تسقط الحركة الإسلامية في الشرَك الذي نصبه لها أعداؤها اليساريون والقوميون العلمانيون، فتصبح متبنية لمواقفهم الأمازيغوفوبية، تقدم لهم خدمات مجانية رغم أنهم يمثلون خصمها السياسي والإيديولوجي اللدود (العلمانية واليسار والقومية العرقية).